تحليل عسكري واستراتيجي
عادت قضية البرنامج النووي الإيراني إلى الواجهة بعد تصاعد التصريحات والتهديدات المتبادلة بين طهران وتل أبيب، حيث يتساءل كثيرون عن مدى قدرة إسرائيل على تنفيذ ضربة عسكرية فعالة ضد المنشآت النووية الإيرانية، خاصة تلك المحصنة في أعماق الأرض.
المعلومات المتوفرة من مراكز تحليلية وصحفية غربية مرموقة تؤكد أن تحقيق هذا الهدف يواجه ثلاثة تحديات رئيسية، تجعل من أي عملية عسكرية إسرائيلية منفردة ضربًا من المغامرة غير المضمونة النتائج.
---
أولًا: عمق المنشآت النووية الإيرانية
المجمعات النووية الإيرانية، وعلى رأسها موقع Fordow وNatanz، شُيّدت على أعماق تصل إلى 100 متر تحت سطح الأرض وسط جبال زاغروس.
وفقًا لتحليل مركز Janes Satellite Imagery Analysis، فإن هذه الأعماق والموقع الجغرافي يضيفان طبقات حماية طبيعية تمنع أي قنابل تقليدية أو حتى القنابل المخترقة مثل GBU‑28 التي تمتلكها إسرائيل من تحقيق أضرار مباشرة بقلب المنشآت.
ثانيًا: غياب السلاح المناسب
لإحداث اختراق بهذا العمق، لا يوجد أمام أي جيش في العالم سوى استعمال القنبلة الخارقة GBU‑57 Massive Ordnance Penetrator (MOP)، بوزن 30,000 رطل (ما يعادل 14,000 كغ).
هذه القنبلة مخصصة حصريًا للقاذفات الأمريكية من طراز B‑2 Spirit أو B‑1 Lancer.
وبحسب تقارير Financial Times وBusiness Insider، فإن إسرائيل طلبت مرارًا من واشنطن تزويدها بهذه القنابل، إلا أن الولايات المتحدة رفضت ذلك حتى الآن، مما يحرم إسرائيل من السلاح الوحيد القادر على تدمير هذه المنشآت بفعالية.
ثالثًا: تعقيد العملية الجوية
حتى لو امتلكت إسرائيل القنابل اللازمة، فإن تنفيذ العملية يتطلب خطة معقدة تتضمن:
اختراق الدفاعات الجوية الإيرانية المتطورة
تنسيق حماية جوية للقاذفات
تأمين التزود بالوقود في الجو
التصدي لاعتراضات الطائرات المعادية
وبحسب Wall Street Journal، فإن تنفيذ ضربة بهذا المستوى يتطلب ما لا يقل عن 120 طائرة بين قاذفات ومقاتلات حماية وإسناد جوي وتزود بالوقود. حاليًا، لا تمتلك إسرائيل هذا العدد الكافي من الطائرات المعدة خصيصًا لهذا السيناريو.
---
الواقع الميداني: ماذا حدث في 2025؟
في يونيو 2025، شنت إسرائيل بالفعل هجومًا جويًا استهدف منشأة Natanz النووية.
ووفقًا لتقارير Wall Street Journal، فإن العملية نجحت في تدمير منشآت سطحية ومنشآت كهربائية داعمة، لكنها فشلت في إحداث أضرار جوهرية بالمنشآت تحت الأرض.
أما موقع Fordow — الأهم والأعمق — فلا توجد مؤشرات مؤكدة على تعرضه لضربة حاسمة حتى اللحظة.
تشير كافة التحليلات العسكرية إلى أن إسرائيل لا تملك حاليًا القدرة الكاملة على تدمير قلب البرنامج النووي الإيراني دون تدخل أمريكي مباشر.
فمن دون GBU‑57 وطائرات B‑2 Spirit، تبقى أي ضربة إسرائيلية بمثابة عمل تأخيري أو تكتيكي محدود التأثير، ولن تنهي البرنامج النووي الإيراني.
وبحسب مصادر Financial Times وBusiness Insider، من المتوقع أن تتسلم إسرائيل 4 طائرات تزويد بالوقود جوًا بحلول عامي 2025–2026، مما قد يغير معادلة القدرة العملياتية جزئيًا، لكنه لن يعوض غياب السلاح المناسب.
---
مصادر:
Financial Times: Can Israel destroy Iran’s nuclear sites?
Business Insider: Israel's trying to wipe out Iran's nuke program. It won't be an easy kill.
Wall Street Journal: Israel Hit Fordow Enrichment Site, U.N. Atomic Energy Agency Chief Says